عاما تلو الآخر تستمر سلسلة FIFA في التوسع والانتشار بصورة لم يسبق لها مثيل متفوقة على جميع المنافسين وبفارق شاسع، الأمر الذي سبب حيرة كبيرة لي شخصيا، فعلى الرغم من المميزات التي تقدمها اللعبة في كل إصدار وأطوار اللعب الجديدة إلا أن المنافس المباشر Pro Evolution Soccer يسير أيضا في الإتجاه الصحيح من حيث توفير أسلوب لعب أكثر واقعية ومستوى رسومي مبهر، ولكن في نهاية كل عام تكتسح FIFA في المبيعات وتظل PES في معاناة لا تنتهي، الأمر الذي تسبب في وجود فجوة كبيرة بين اللعبتين من حيث المبيعات رغم أن الفروق الحقيقية قد تكون في مصلحة لعبة Konami في الواقع.
تأتي FIFA 19 لتستكمل المشوار الممتد منذ 10 سنوات تقريبا، حينما تمكنت EA من تقديم طور اللعب التنافسي Ultimate Team والذي اعتبره السبب الرئيسي في النجاح الساحق للسلسلة في السنوات الأخيرة، حتى وأن كان أسلوب اللعب سيء والجوائز غير مرضية ووجود مشاكل تقنية لا حصر لها، يظل Ultimate Team طور المنافسة الأكثر إثارة ومتعة في تاريخ ألعاب كرة القدم، حتى وأن كنت لا تتقبل ما يحدث أو الهزائم التي تتعرض لها، ومن هنا تحديدا تضمن EA نجاح اللعبة كل عام حتى وأن كانت التغييرات التي خضعت لها سطحية للغاية.
لا أقصد بكلماتي تلك الهجوم على محتوى FIFA 19، بل على العكس تماما، تقدم اللعبة تغييرات ضخمة في كافة جوانبها خاصة أسلوب اللعب، حيث تم الإستغناء عن سرعة اللاعبين المبالغ فيها والتي لعبت دور رئيسي في حسم المباريات في النسخة الماضية، وهنا أصبحت سرعات اللاعبين متقاربة بدرجة كبيرة ولن تجد مهاجم سريع يركض وحيدا في الثلث الأخير من الملعب دون أن يستطيع المدافعين اللحاق به، كذلك أصبح التمريرات أصعب وأكثر واقعية معتمدة على تمركز اللاعب والاتجاه الذي ينظره له ولذلك ستلاحظ وجود كمية ضخمة من التمريرات الخاطئة خاصة في أطوار اللعب الجماعية، فمجر الضغط على زر X لم يعد يضمن إيصال الكرة للاعبك بدقة متناهية كما كان يحدث في الماضي.
بالنظر لكون التمريرات أكثر صعوبة وأقل دقة، ترتب على هذا الأمر معاناة كبيرة جدا في استخدام استراتيجيات نسخة العام الماضي، حيث كانت تمثل خطة 21214 فاعلية كبيرة في الاختراق من العمق بالإعتماد على التمريرات السريعة، ولكن هنا اختلف الوضع تماما، وأصبح الذكاء الإصطناعي متطور بدرجة كبيرة تسمح للمدافعين بإغلاق منطقة العمق تماما ومنع التمريرات العرضية والتصدي لأي محاولة تسديد، مما يعني أن الحل الأمثل للوصول للمرمى هو الإعتماد على الكرات العرضية من الجانبين والتي تمثل خطورة لا يمكن إيقافها في هذا الجزء ولذلك من الطبيعي أن أجد 90% من المنافسين الذين واجهتهم يعتمدون على خطة تستخدم الأطراف للوصول للمرمى بشكل أسرع.
أضخم التغييرات التي يلاحظها اللاعبون في هذا الجزء من حيث أنماط اللعب هي الإضافات التي شقت طريقها لأول مرة لطور Kick Off، حيث أصبح بإمكان اللاعبين التنافس مع اصدقائهم من خلال اللعب سويا في مجموعة من الأنماط المثيرة والحماسية للغاية، مثل احتساب الأهداف الرأسية فقط أو الأهداف التي تسجل من خارج منطقة الجزاء أو إلغاء العقوبات تماما وخوض مباراة تعتمد على الالتحامات والضرب المباشر، أو حتى خوض مباراة بقاء من خلال إقصاء لاعب من الفريق كلما نجحت في إحراز هدف، بمعنى أخر، تعد FIFA 19 أمتع لعبة في مسار السلسلة من حيث اللعب المحلي مع اصدقائك على نفس المنصة.
على الجانب الأخر تستمر رحلة اللاعب “إليكس هانتر” في نمط The Journey: Champions من خلال فصل جديد في الرواية يركز على Kim Hunter و Danny Williams ورغم أن هذا النمط يمثل إضافة مميزة لألعاب كرة القدم إلا أن الفصول السابقة لم تكن بمثل هذه المتعة أو الإثارة أو حتى الدقة على مستوى طريقة السرد وتتابع الأحداث، حيث يستمر اللاعب الشاب في رحلته الاحترافية التي تصل إلى نهايتها بالانتقال لصفوف نادي ريال مدريد الأسباني مع استعادة ذكريات الماضي من وقت للأخر من خلال إضافاة مبهجة كخوض مباراة كرة قدم في منتصف القرن الماضي حينما كانت الألوان باهتة والملاعب أشبه بالحدائق العامة والكرة نفسها أقرب ما يكون إلى بالون الهواء.
لسوء الحظ التغييرات التي شهدتها لعبة FIFA 19 على مستوى أنماط اللعب كانت محدودة جدا، وسيلاحظ أي لاعب هذا الأمر بوضوح تام من خلال نمط Pro Club والذي يعتبر نسخة منقولة حرفيا من الجزء الماضي دون وجود أي تعديلات حتى وأن كانت بسيطة مثل قصات الشعر أو الحركات الإستعراضية، ونفس الأمر ينطبق على طور Career حيث يبدو كأن EA اكتفتبما حققته تلك الأطوار في السنوات الماضية، ولم تجد أي جديد يضاف، ولذلك كان التركيز في دعاية اللعبة هذا العام على طور Ultimate فقط وكذلك The Journey.
طور اللعب الأهم والسبب الرئيسي في نجاح ألعاب FIFA مؤخرا هو Ultimate Team، في واقع الأمر يتطور هذا النمط في كل عام بشكل مميز يسمح للاعبين بالحصول على نقود أكثر لبناء فريق أحلامهم حتى وأن كانوا لا يعتمدون على نظام شراء النقاط مقابل أموال حقيقية لفتح حزم اللاعبين، أحدث تلك الإضافات هي طور Rivals والذي يعد تعديل مباشر لنمط Division ويسمح للاعبين بخوض منافسات أسبوعية والوصول لترتيب متقدم يسمح لهم بالحصول على جوائز مختلفة، وبعكس جميع أنماط اللعب الأخرى، يمكن لكل لاعب اختيار الجوائز التي يفضلها في نهاية كل اسبوع سواء مبلغ مالي أو حزم لاعبين غير قابلة للبيع أو حزم أخرى قابلة للتجارة، الأمر الذي يساعد في وجود رأس مال أضخم يساعد كل لاعب في بناء فريقه حتى وأن كان يعتمد على اللعب فقط.
كل التفاصيل السابق ذكرها حول اللعبة تبدو مميزة وتشجع اللاعبين على اقتنائها، ولكن في الواقع تعاني FIFA 19 من مساويء في الاتصال تجعلها أسوأ لعبة كرة قدم لأي لاعب في الشرق الأوسط أو بمعنى أدق في شمال أفريقيا، فعلى الرغم من تحركات اللاعبين الواقعية وصعوبة التمريرات، إلا أن تحويل منافسات FUT Rivals للإعتماد على الخوادم المخصصة عوضا عن نظام P2P كما كان يحدث في الماضي ترتب عليه نتائج كارثية في الأداء، السبب في ذلك عدم وجود سيرفرات مخصصة لمنطقتنا وبالتالي ستواجه مشاكل في سرعة الإتصال وستشعر أنك غير قادر على التحكم في اللاعبين ولا يمكنك التمرير أو التسديد بشكل صحيح، وما يزيد الأمور سوءا وجود تأجيل في تلقي الأوامر قد يصل إلى ثانيتين، أي أنك ستفاجئ بكونك تلعب لعبة مختلفة تماما عن المباريات التي خضتها بشكل فردي والسبب في ذلك عدم وجود خوادم مخصصة للمنطقة والإعتماد على الخوادم الأوروبية مما يعني أن مواجهة أي لاعب أوروبي تجعل له الأفضلية حتى وأن كنت تتفوق عليه في كل شيء، مقارنة بما حدث في FIFA 19 يمكنني أن أجزم أن FIFA 19 أسوء لعبة بلا منافس من حيث قوة الإتصال والمشاكل التي تعاني منها وإذا استمر الوضع على هذا المنوال لفترة أطول، لا شك أن آلاف اللاعبين حول العالم سيتوقفون عن تجربة اللعب بلا رجعة.
مختصرلا شك أن FIFA 19 تمثل نقلة كبيرة في أسلوب اللعب من حيث الواقعية ووتيرة المباريات، ولكن عليك أن تنسى كل هذا إذا كنت لاعب من شمال أفريقيا، خاصة في ظل تجاهل EA التام للمنطقة كل عام وتخصيص الخوادم لأوروبا وآسيا فقط، مما يترتب عليه اسوء لعبة كرة قدم تنافسية عبر الشبكة من حيث مشاكل الإتصال والتأجيل في تلقي الأوامر والبطء الرهيب في نقل الكرة وتحركات اللاعبين كما لو أن اللاعبين يخوضون مباراة كرة ماء وليس كرة قدم، وبالتأكيد لا أنصح أي شخص باقتناء هذا الجزء إذا كان اعتماده الكلي على المنافسات الجماعية، وإلا سرعان ما سيفقد أعصابه من تعدد المشاكل التي يواجهها.